الموت… أستاذ الواعظين

كم أحن للكتابة عن عالم الموت، عن عالم البرزخ، عن هادم اللذات و مفرق الجماعات و ميتم البنين و البنات ، ذلك أن الموت حق على رقاب الأحياء و منية لا تعرف التمييز فتأخذ الصحيح و السقيم ، الصغير و الكبير ، الأمير و الغفير، الغني و الفقير.
و هناك آيات كثر من القرآن الكريم تحدثت عن حتمية زوال الحياة الدنيا و ما فيها و من بينها الإنسان الذي كرمه الله تعالى عن سائر المخلوقات بالعقل و كلفه بالأمانة –أمانة تعمير الأرض و إصلاحها- و التي أبت و أشفقت من حملها السبع الطباق.
قال تعالى (إنك ميت و إنهم ميتون) الزمر – 30 –
قال تعالى (أينما تكونوا يدركم الموت…) النساء -78 –
قال تعالى ( كل نفس ذائقة الموت …) آل عمران -185 –
أفلا يجدربنا أن نعلنها اليوم استغفارا و توبة ، قبل أن يداهمنا الموت غدا ؟
قد يحدث للإنسان أن ينغمس في متاهات الدنيا الزائفة ، لكن سرعان ما تنكشف له ألاعيبها ، فيدركها الذي حكم عقله ، و يسر الله له الهداية ، فيراجع شريط حياته تائبا ، ليندم على ما ضاع من العمر.
راجعت شريط محيايا ، لرى كم ضاع من سني… فوجدت العمر قد ولى ، فاق الربع من قرن
فكم سنين قد أفلت ، و راحت دون أن أدري… و خيوط الموت قد نسجت ، أكفانها على الوزن
و كم أذكر ليالي و أياما ، بذلت لها من الجهد……..و كنت فيها مبتعدا ، عن الله كل البعد
فما لبيت نداءا ، حسبت العمر ممدود……..و ما أجبت آذانا ، قد نادى للسجود
و كم حلفت يمينا ، شهدت الزور عن عمد…… و اقترفت آثاما ، خنت الوعد و العهد
صاحبت رفقة سوء ، أضعت العمر في كد……و ماجنيت من ثمر ، إلا الهجران و الرد
نذير الشيب حذرني ، و قد غطى كل الجلد …… أشار إلي في صمت ، قد ولى سن الورد
مل الطبيب شكوايا ، دواه ماعاد يجدي …….. اشتاق القبر رؤيايا ، طمعت الدود في جسدي
و كم أذكر زرت قبرا ، لازال ذكرى في خلدي ….. و قد رأيت بعينايا ، كيف يسوى لحدي ؟
ساعات ليل قد طالت ، و قلقي زاد عن الحد …… تباشير صبح لاحت ، و جاء الفرج من بعد
فرب العزة قد نادى ، فهل من توبة يا عبدي ؟ ……… أبواب مغفرتي فتحت ، فشمر ساعد الجد
بقلم بوزيان مضوي -تيسمسيلت-